• ٤ أيار/مايو ٢٠٢٤ | ٢٥ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

العنف المدرسي مشكلة مجتمعية

د. غنيمة حبيب كرم

العنف المدرسي مشكلة مجتمعية

في ظل ما نشهده من تغيرات متنوعة في المجتمعات المختلفة أصبح العنف يشكل أخطر المشكلات التي تواجهنا، بل وانتقل ليشكل مشكلة كبيرة لدى الأطفال وطلبة المدارس، ولا شك بأنّ عدم مواجهة هذه المشكلة سوف يكون له نتائجه الوخيمة على مستقبل هؤلاء الأطفال والطلبة، ولعلّ القول بأنّها مشكلة عامّة تطال جميع المجتمعات لا يشكل مبرراً للتنكر للمشكلة أو عدم البحث عن الحلول.

وقد تنبه الكثير من التربويين لهذه المشكلة وحاول الكثير منهم وضع برامج ونظريات لتعديل السلوك العدواني في مرحلة مبكرة لدى الأطفال، وعلى الرغم من تلك الجهود نجد أنّ العنف في المدارس في تزايد وتفاقم، ممّا يدعونا ويلح علينا بشكل عاجل أن ندرس عدم جدوى كلّ تلك الجهود ونستكشف مواطن الخلل.

أنّ للمشكلة أسباب كثيرة ولا تكاد تنجز دراسة دون أن تتعرض لتلك الأسباب وتحاول وضع الحلول المناسبة، وكلّ مَن يطلع على أبعادها يمكنه أن يتحدّث عن أسباب العنف، لكن مَن يمكنهم التحدث عن اشكالية عدم جدوى الحلول هم قلة قليلة.

التقصير في التعامل مع العنف لا ينحصر بفئة معينة لأنّ المشكلة تحتاج لجهود فئات كثيرة بدءاً من الأسرة ومروراً بالمدرسة والإعلام وصولاً لمؤسسات الدولة الأخرى، المشكلة تحتاج لمواجهة مجتمعية جادة، فالتكاسل من فئة مجتمعية واحدة والتقصير في واجباتها الاجتماعية يدمر جهود الفئات الأخرى.

وربّما يقول البعض بأنّ تلك الواجبات التي تخرج بها الدراسات غير واضحة، بل يشابها بعض من التداخل الغامض، ولهذا بدأنا نرى الكثير من الدراسات تقوم بتخصيص التوصيات من حيث الجهة المعنية بتنفيذ كلّ منّا، ومن الأمثلة القريبة نشير إلى مؤتمر وزارة التربية في نهاية 2017م الذي تناول المشكلة، ومع أنّ عنوان المؤتمر اقتصر في عنوانه على دور الباحث الاجتماعي والنفسي في مواجهة العنف المدرسي، إلّا أنّه لم يتمكن من حصر دور الباحث منفرداً دون تخصيص أدوار جميع المؤسسات التربوية الأخرى، فأصل المشكلة فرض ذاته، حيث أنّها قضية مجتمعية، والحقيقة أنّ التربية بشكل عام هي عملية مجتمعية شاملة، وقد جاءت توصيات المؤتمر لكلّ مؤسسة على حدة، في محاولة لتحديد دور كلّ جهة معنية بالأمر.

خلاصة ما أود قوله بأنّ التنظير والدراسة شيء، وله أهميته دون شك، لكن القدرة على تنفيذ وتطبيق ما نقوله في كلّ مرة يوجد فيها خلل، فهل أصبحنا بحاجة لدراسة تتناول تطبيق وتنفيذ ما تخرج به البحوث والدراسات من توصيات؟ وربما يدعونا هذا للتساؤل إلى أي مدى تكون الجهة التي تتناول المشكلة جادة في توصياتها؟ أم أنّها توصيات فقط لتكون دليلاً على إنجاز، فلا يكون مصيرها سوى الأدراج.

ارسال التعليق

Top